- المرصد
- ثرواتنا المنهوبة
- الطائفية
- إنتهاكات حقوق العاملين بالخارج
- حرية الفكر والتعبير
- ضد الفساد
- تقارير أجنبية
- المركز-الإعلامي
- اخبارنا
- بيانات-المركز
- بيانات-مشتركة
- ميديا
- قرأت لك
- ميزان-العدالة
- أحكام
- صحف ودعاوى
- مذكرات ومرافعات
- أحكام وقضايا تاريخية
- الموسوعة-القانونية
- تاريخ القضاء
- بلاغات
- نشاطنا
- النشاط القانوني
- نشاط المركز
- تقارير المركز
- ثورة-يناير
اشتراك حزب الله فى الدفاع عن نظام الأسد يصدمنا، واعتبار الحزب منظمة إرهابية يخجلنا. ذلك أن آخر ما كان يخطر على البال أن يدفع الحزب برجاله لحماية النظام الذى يقتل شعبه تحت أية ذريهة. بذات القدر فإن تصنيف الحزب منظمة إرهابية فى تكييف مطابق للموقف الإسرائيلى أمر يجاوز حدود أى خيال، حتى يصيبنا بالخزى والحزن. وإذ أرجح أن ذلك التطابق المفجع لم يكن مقصودا، لكن حين يصدر قرار بهذا المعنى عن وزراء الداخلية العرب من ناحية ومجلس التعاون الخليجى من ناحية ثانية، فإنه كان ينبغى أن يخضع لدرجة عالية من المراجعة والتدقيق بحيث يتجنب الوقوع فى ذلك المحظور والوقوف مع إسرائيل فى مربع واحد ينطلق من شيطنة الحزب وتسويد صفحته.
ليس عندى دفاع عن حزب الله، ولى فى نقد موقفه الأخير كتابات سابقة لكننى أقرر ابتداء أن قادة الحزب مخطئون لا إرهابيون. لا استغرب اتهامهم بالإرهاب من قبل الإسرائيليين الذين يصفون المقاومين الفلسطينيين بأنهم «مخربون». حيث لا تغيب عنا ولا عن أى عربى أسباب حقدهم عليهم وكراهيتهم لهم، إلا أننى لم أفهم اتهام الحزب من جانب قياديين ومسئولين عرب بأنه منظمة إرهابية، رغم اقتناعى بأن ممارساته فى سوريا بوجه أخص تستحق النقد وأخطاءه واجبه التصويب.
لا أنكر أن رصيد الحزب فى الوطن العربى تراجع بصورة فادحة خلال السنوات الأخيرة. وأزعم أن سياساته فى تلك الفترة لها إسهامها الأكبر فى تدهور ذلك الرصيد، وهو الذى كان محفوفا بدرجة عالية من التقدير والإعجاب، منذ أثبت أنه القوة العربية الوحيدة خارج نطاق فلسطين التى استطاعت أن تتحدى الإسرائيليين وتلحق بهم الهزيمة فى عام ٢٠٠٦، لذلك فإن أية أخطاء يقع فيها لا ينبغى أن تؤدى إلى شطبه من التاريخ العربى بشيطنته بالكامل ودمغه على النحو الذى حدث فى الأسبوع الماضى. وربما كان أعدل وأحكم فى هذه الحالة، أن ينبه الحزب وينذر بحيث تشهر فى وجهه «البطاقة الصفراء» وليس البطاقة «الحمراء» التى تؤدى إلى طرده من الساحة وإلغائه من التاريخ، إذا جاز لنا أن نستخدم المصطلحات المتداولة فى عالم الرياضة. أما ما حدث معه فإنه ينبهنا إلى أن السياسة العربية أصبحت تتعامل بممنتهى الشدة والقسوة مع الأشقاء. بحيث لم تعد تعرف غير اللونين الأبيض والأسود، فى حين أن تلك الشدة تتحول إلى تفهم ومرونة مع الخصوم والأعداء، تستدعى اللون الرمادى فى صياغة العلاقات وحل المشكلات. وهى ملاحظة تستحق دراسة وتأصيلا يرصد مدى صوابها أولا، وعلاقتها ثانيا بأزمة الفراغ العربى والتغيير فى موازين القوى الذى حدث فى ظل ذلك الفراغ.
لأن الأمر غاية فى التعقيد فإنه يستدعى قدرا كبيرا من التأنى والاتزان. ذلك أن تدخل حزب الله فى سوريا جعله طرفا فى مساندة النظام الوحشى وشريكا متضامنا فى قتال السوريين. صحيح أن الحجة التى تساق فى تبرير ذلك التدخل أنه دفاع عن المقاومة الفلسطينية بأكثر ما هو دفاع عن نظام الأسد. وحتى إذا كانت النية بهذا القدر من الصفاء، فإن دخول حزب الله إلى سوريا ورطه فى محظورى دعم نظامها وقتل شعبها بصورة مباشرة أو غير مباشرة. لا يستطيع أحد أن ينكر وقوف النظام السورى إلى جانب المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطينى. وإذ تظل هذه صفحة فى سجله تحسب له إلا أننا أدركنا فى وقت مبكر أن ذلك لا ينبغى أن يبرر بأى حال قمع الشعب السورى وإذلاله، حيث لا يقبل بأى منطق أو معيار أن يتم التضامن مع شعب من خلال الوقوف فوق جثة شعب آخر.
يقال أيضا إن مساندة النظام السورى كانت موقفا ضروريا للحفاظ على خطوط دعم وإمداد حزب الله من جانب إيران، لأن دمشق كانت البوابة الوحيدة المتاحة لإيصال ذلك الدعم. وهى حجة صحيحة. إلا أنها تبنت الدفاع عن مصلحة للحزب وأهدرت فى مقابل ذلك مصالح كبرى لأن الدعم والإمداد فى هذه الحالة أريد له أن يمر فوق جثة الشعب السورى. فى تبرير موقف حزب الله يذكر أيضا أن التزامه بسياسة الدولة الإيرانية التى ترعاه «اضطر» الحزب إلى إيفاد رجاله إلى سوريا، تنفيذا للاستراتيجية الإيرانية التى عمدت إلى التمدد فى الفراغ العربى. وهى حجة صحيحة تحسب على حزب الله وليست فى صالحه. لأنه بذلك قبل بأن يضحى برصيده فى العالم العربى وأن تلوث أيدى رجاله بدماء السوريين، وأن يضر بمصالح لبنان الذى يعيش الحزب فى كنفه، مقابل الاحتفاظ بدوره فى إطار الاستراتيجية الإيرانية.
ليست لدى إجابة عن السؤال ما الذى كان ينبغى أن يفعله حزب الله أمام هذه الظروف والضغوط، لكن ما أعرفه أنه ما كان له أن يفعل ما أقدم عليه الذى هو أقرب ما يكون إلى الانتحار السياسى.
نستطيع أيضا أن نتفهم الملابسات التى أدت إلى تصنيف حزب الله منظمة إرهابية، الذى نأت عنه لبنان وتحفظ عليه العراق لأسباب مفهومة وعارضته الحزائر وتونس انطلاقا من حكمة محمودة. إذ ما عاد سرا أن القرار العربى صار بيد دول الخليج القلقة من تعاظم الدور الإيرانى. ونحن نشهد الآن تصاعدا فى التراشق الحاصل بين الطرفين. الذى اشترك فيه حزب الله من خلال تصريحات أمينه العام. وهو ما ترتب عليه تأجيج المواجهة من ناحية وإفساد علاقات لبنان بالسعودية من ناحية أخرى. وفى أجواء الانفعال اصطفت دول الخليج ضد حزب الله ودفع لبنان ثمن الاشتباك الحاصل، من خلال وقف مساعدات السعودية له وحرمان لبنان من السياح الخليجيين وربما التأثير عن أوضاع اللبنانيين المنتشرين فى دول الخليج. وكان مؤسفا أنه فى حين يوصم حزب الله بالإرهاب ويعاقب لبنان جراء موقفه، فإن العلاقات الخليجية الإسرائيلية تتنامى بإطراء مسكوت عليه، كما أن الإعلام الإسرائيلى هلل لوصف حزب الله بالإرهاب واعتبره انتصارا للدولة العبرية.
أكرر هنا القول بأننى لا أملك حلا واضحا للأزمة لكننى أزعم أن الحكمة كانت تقتضى اتخاذ أى إجراء آخر غير وصف حزب الله بالإرهاب لأننا نتمنى أن يعود الحزب قوة للأمة العربية أعدت بالأساس لمواجهة إسرائيل، حتى وإن تورط قادته الآن فى نصرة نظام الأسد.
لقراءة المقال من الموقع الاصلى اضغط هنا :
http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=05032016&id=70a68c90-1571-4785-8d9c-2a743eab8d93